
مع عودته إلى البيت الأبيض عام 2025، بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتنفيذ وعوده الاقتصادية التي ركز عليها خلال حملته الانتخابية.
ومن بين أكثر القرارات إثارة للجدل، إعلان إدارته فرض رسوم جمركية جديدة على واردات السيارات، بهدف دعم الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية، هذا القرار يأتي في إطار سياسة “أمريكا أولًا” التي يتبناها ترامب، لكنه يثير مخاوف عالمية من اندلاع حرب تجارية جديدة وتأثير سلبي على أسعار السيارات داخل الولايات المتحدة، حسب شبكة رؤية الإخبارية.
jقول صحيفة “الجارديان” البريطانية في تقرير نشر، الخميس 27 مارس 2025، إنه منذ حملته الانتخابية، شدد ترامب على أن الولايات المتحدة تخسر مليارات الدولارات بسبب الواردات، خاصة من قطاع السيارات، حيث تعتمد السوق الأمريكية بشكل كبير على السيارات المصنعة في اليابان، ألمانيا، وكندا.
من خلال فرض تعريفات جمركية مرتفعة، يأمل ترامب في إجبار الشركات العالمية على نقل مصانعها إلى الأراضي الأمريكية، مما يؤدي إلى خلق وظائف جديدة وزيادة الإنتاج المحلي.
لكن هذا القرار ليس اقتصاديًا فقط، بل يحمل أبعادًا سياسية، حيث يسعى ترامب إلى إرضاء الناخبين في الولايات الصناعية مثل ميشيجان وأوهايو، حيث يعمل قطاع السيارات كدعامة رئيسية لاقتصاد هذه الولايات، وبالتالي، فإن الرسوم الجمركية تعد جزءًا من استراتيجيته لتعزيز شعبيته وضمان دعم الطبقة العاملة لسياساته الاقتصادية.
تحذيرات من حرب تجارية
لم يمر هذا القرار دون رد فعل قوي من الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، فقد أصدر الاتحاد الأوروبي تحذيرات من أن هذه الرسوم قد تؤدي إلى إجراءات انتقامية، مما يهدد استقرار التجارة العالمية.
ألمانيا، التي تعد واحدة من أكبر مصدري السيارات لأمريكا، وصفت القرار بأنه “عدوان اقتصادي” قد يجبر الشركات الألمانية الكبرى مثل بي إم دبليو ومرسيدس على إعادة التفكير في خططها الاستثمارية داخل السوق الأمريكي.
أما اليابان، فقد أبدت قلقها من أن هذه السياسات قد تؤثر سلبًا على شركاتها الكبرى مثل تويوتا وهوندا، التي تعتمد بشكل كبير على تصدير السيارات إلى الولايات المتحدة، كما أن كندا والمكسيك، اللتين ترتبطان باتفاقية تجارية مع أمريكا، قد تسعيان إلى إعادة التفاوض بشأن شروط التجارة لحماية صادراتهما من السيارات.
التأثير على المستهلك الأمريكي
رغم أن الهدف الأساسي لترامب هو دعم الصناعة المحلية، إلا أن بعض المحللين الاقتصاديين يرون أن هذه السياسات قد تؤدي إلى نتائج عكسية، ففرض تعريفات جمركية على السيارات المستوردة يعني ارتفاع أسعار السيارات داخل الولايات المتحدة، سواء كانت مستوردة أو محلية، لأن العديد من الشركات الأمريكية تعتمد على قطع غيار أجنبية في تصنيع سياراتها.
ومن المتوقع أن يدفع المستهلك الأمريكي آلاف الدولارات الإضافية عند شراء سيارة جديدة، بسبب زيادة تكاليف التصنيع والنقل. كما أن الشركات الكبرى مثل جنرال موتورز وفورد قد تجد نفسها في موقف صعب، حيث ستحتاج إما إلى رفع الأسعار أو تقليل التكاليف من خلال خفض الوظائف، وهو ما يتناقض مع وعود ترامب بخلق فرص عمل جديدة.
مستقبل صناعة السيارات
في ظل هذه التغييرات الجذرية، تواجه صناعة السيارات في الولايات المتحدة مرحلة جديدة من التحديات والفرص. من جهة، قد يدفع القرار بعض الشركات إلى فتح مصانع جديدة داخل أمريكا، مما يعزز الاقتصاد المحلي، لكن من جهة أخرى، قد تؤدي هذه التعريفات إلى تقليل التنافسية العالمية ورفع تكاليف الإنتاج، مما يضر بالمستهلك الأمريكي على المدى الطويل.
كما أن العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة وبقية العالم ستتأثر بشدة، وقد نشهد توجه الدول الأخرى إلى عقد اتفاقيات بديلة بعيدًا عن أمريكا، مما يضعف الدور الاقتصادي الأمريكي عالميًا.
لذا، فإن نجاح أو فشل هذه السياسة سيعتمد على مدى قدرة ترامب على الموازنة بين دعم الصناعة المحلية وتجنب إغراق السوق بارتفاع الأسعار والتوترات التجارية.
مع عودة ترامب إلى السلطة، يبدو أن السياسات الحمائية ستعود بقوة إلى الاقتصاد الأمريكي. وبينما يرى البعض أن هذه القرارات ستساعد في إعادة إحياء الصناعة المحلية، يحذر آخرون من أنها قد تتسبب في ركود اقتصادي وارتفاع التكاليف على المستهلكين.
يبقى السؤال الأهم، هل ستنجح إدارة ترامب في تنفيذ هذه السياسة دون إشعال فتيل حرب تجارية عالمية؟، الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل الاقتصاد الأمريكي وعلاقاته التجارية الدولية.